السـلام في القرآن والحديـث
_ 11 _
تمهـيد
الله يعلم ما تحمل الأسماء من حقائق وآثار ، ومن جمال وبهجة ونور ، فيختار تعالى ـ وله الاختيار كله ـ من الأسماء ما يزين ربوبيته المتعالية ، وما يجلها عما يلحق المخلوق من صفات وسمات تدل على ذاتية فقره ونقصه ، ذلك بأن الله هو الغني الكبير المتعال ، المحب للجمال .
ومن حبه للجمال اختار لنفسه أجمل الأسماء ، وكل أسمائه جميلة ، وأجلها ، وكلها جليلة ، وأنوارها ، وكلها نيرة : ( السَّلام المُؤمن المُهيمن ) (1) ، والسلام من أسمائه الحسنى ، وكيف لا وهو السلام كله ، كما أنه الجمال كله ، والكمالات كلها ، والسلام نور وجمال ، ومن ثم كان له تعالى جمال الصنع ( الذي أحسن كل شيءٍ خلقه ) (2) ، وما في الوجود إلا وهو من جمال السلام ونوره ، ونفحة من نفحاته .
ومن نور السلام انبثق الإسلام والأنبياء والمرسلون عليهم السلام ، والكتب المنزلة ، والقرآن ، ومحمد البشير ، صلى الله عليه وآله ، جاء ببشائر السلام ونشر الأمن بين الناس ، ( قَدْ جاءَكُم مِن اللهِ نُورٌ وكتابٌ مُبينٌ )
--------------------
(1) الحشر : 23 .
(2) السجدة : 7 .
<h3> السـلام في القرآن والحديـث
_ 12 _
( يهدي بِهِ اللهُ من اتّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُل السَّلام ) (1).
والأئمة المعصومون سُبُلُ السلام وشروطه ، والمقتدون بهم المهتدون المتأدبون الفاشي بينهم السلام تحية ملائكة السماء ، والمسلمين في الأرض ، وسيوافيك أن من أهم الآداب السلام ، والتعاطف ، والزيارة ، وإليك حديثاً من هذا الضرب : الشيخ الصدوق عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة المفضل ، عن جابر (2) ، عن أبي عبد الله عليه السلام (3) قال : ( إن مَلَكاً مر برجل على باب ، فقال له : ما يقيمك على باب هذه الدار ؟ فقال : أخ لي فيها أردت أن أسلم عليه ، فقال له الملك : بينك وبينه قرابة ، أو نزعتك إليه حاجة ؟ فقال : لا ، ما بيني وبينه قرابة ، ولا نزعتني إليه حاجة ، إلا أخوة الإسلام وحرمته ، فأنا أسلم عليه ، وأتعهده لله رب العالمين .
فقال له الملك : أنا رسول الله إليك وهو يقرئك السلام ، ويقول لك : إي زرت ، ولي تعاهدت ، وقد أوجبت لك الجنة ، وأعفيتك من غضبي ، وأجرتك من النار ) (4) .
ومن انتفع بحديث انتفع بأحاديث .
ونذكر بعد آيات السلام والتحية ، ومعاني السلام ، أبحاثه في فصول عشرة :
--------------------
(1) المائدة : 15 ـ 16 .
(2) جابر المكفوف ، أو ابن عبد الله ، أو ابن يزيد الجعفي ثقة ، على أن متن الحديث أمتن من الجبال .
(3) في ثواب الأعمال 204 ، ـ باب ثواب التسليم على الأخ المؤمن في الله عز وجل ـ الحديث مروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام ، وفي ألفاظه بعض التبديل غير المضر بالغرض ، ولعله حديثان عنهما عليهما السلام ، وله نظائر في الأحاديث ، لا تخفى على المتتبع .
(4) الوسائل 8 | 436 ، الباب 32 من أحكام العشرة ، الحديث 5 ، أقول : وفيه لأهل السلام بشارة : ( والحرّ تكفيه الاشارة ) ، مجمع الأمثال للميداني 2 | 19 ، رقم المثل 2447 ، حرف العين .
<h3> السـلام في القرآن والحديـث
_ 13 _
1 ـ السلام اسم من أسماء الله الحسنى .
2 ـ السلام تحية الله التي اختارها للمسلمين .
3 ـ الابتداء بالسلام .
4 ـ إفشاء السلام في العالم (1) .
5 ـ السلام قبل الكلام .
6 ـ سلام الاستئذان والإعلام .
7 ـ أدب السلام .
8 ـ السلام ندب ، والرد فرض .
9 ـ السلام المنهي عنه .
10 ـ سلام الوداع .
تلك عشرة كاملة نختمها بخاتمة فيها أمور ثلاثة :
الأمر الأول : صلاة المعراج ، وأسرار سلامها .
الأمر الثاني : سلام الولادة ، والموت ، والبعث ، وأيامها .
الأمر الثالث : مقارنة السلام مع جميع الكائنات ، وفي ذلك مقامان : سلامنا عليها في المقام الأول ، وإمكان سلامها علينا ، ووقوعه في الخارج في المقام الثاني ، ونذكر لهما من القرآن الكريم ، ومن أحاديث أهل البيت ، عليهم السلام ، وغيرها شواهد نأتي بالميسور منها ، و ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) (2) ، وبالبعض المدرك من الكل ، لأن ( ما لا يدرك كله لا يترك كله ) (3) .
ولمن استكفى بذلك الكفاية ، والله المستعان في كل الأمور وهو ولي التوفيق .
--------------------
(1) كلمة ( في العالم ) موجودة في الحديث ، البحار 76 | 12 ، وسيأتي في فصله ان أحاديث إفشاء السلام قد أنهاها بعض الكتاب إلى أربعين حديثاً ، وألّف فيها رسالة جاء ذكرها في فهرس مخطوطات جامعة الرياض 4 | 221 ، وقد طبعت في مطابع الرياض سنة 1400 هـ .
(2) عوائد الأيام 88 ـ 89 ، عوالي اللألي 4 | 58 .
(3) المصدران نفسهما .
قال المعلق على العوالي نقلاً عن مؤلف المواهب السنية الشعر : وفي اضطرار يسقط المعسور في الكل فالفرض هو الميسور
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 14 _
وقبل الشروع في ذكر آيات السلام والتحية ، ومعانيه في اللغة ، والقرآن ، والحديث ، والفصول العشرة تجدر الأشارة إلى بعض الكتب المؤلفة في التحية والسلام :
1 ـ ( التحيات الطيبات ) :
والتسليمات الفاتحات على محمد وآله الهادين للحسنات ... وهي ثمان تحيات لهم ، وتوسلات إليهم ، عليهم السلام ، بليغات منظومات ؛ سبعة منها من نظم السيد الأمير قوام الدين محمدبن محمد مهدي الحسيني السيفي القزويني المتوفى في عشر الخمسين بعد المائة والألف ، كما أرخه السيد عبد الله التستري في إجازته الكبيرة (1) ، وقد سمى كل واحدة من تلك السبعة باسم خاص ، فرغ من نظمها سنة 1221 هـ ، وجعل مادة التاريخ قوله في شعر من رباعياته : ( بالطيبات تطيب الأزهار ) .
أول التحيات : ( التحية الطيبة ) التي أولها : إلهي بحق المصطفى وابن عمه وسـبطيه والـزهراء آل عباء
بـالتسعة الـغر الذين تكرموا عـليك وقـد قـدّمتم لرجائي
ثم [ ( التحية (2) الفائحة ) ] ، ( التحية المسكية ) ، ( التحية العنبرية ) ، ( التحية الريحانية ) ، ( التحية الياسمنية ) ، ( التحية الياسينية ) .
وقد جمع هذه السبعة ولده الناظم [ عبد الله بن قوام الدين ] ... وألحق بها تحية ثامنة من نظم نفسه وسماها : ( التحية العبهرية ) أولها (3) ...
2 ـ ( التحية المباركة في أحكام السلام ) :
للسيد الحاج ميرزا أبي المكارم ... المتوفى 1330 هـ (4) .
--------------------
(1) طبع قم ـ إيران ص 167 و 169 ، تعليق الشيخ محمد السمامي الحائري ، بمطبعة سيد الشهداء (ع) 1409 .
(2) فهرس مخطوطات مكتبة السيد المرعشي 5 | 315 ، ومن نسخة الذريعة الموجودة عندي ساقطة .
(3) الذريعة 4 | 487 ، للعلامة الرازي المعروف بـ أقا بزرگك الطهراني .
(4) الذريعة 3 | 489 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 15 _
3 ـ ( تهذيب الكلام في ترتيب السلام ) :
لأبي المعالي رشيد بن ظفر القومسي الرازي (1) .
4 ـ ( دار السلام في أحكام السلام في شرع الإسلام ) :
للحجة السيد الميرزا عبد الهادي بن الحاج الميرزا إسماعيل بن السيد رضا بن إسماعيل الحسيني الشيرازي المتوفى 1382 هـ ، رسالة مبسوطة أنهى فيها فروع السلام إلى ألف مسألة (2) .
5 ـ ( الدرة البهية في مسائل التحية ) :
للشيخ محمد تقي خلف الميرزا محمد حسن سليل المولى العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي الأصفهاني ، الطبعة الثانية ، قال في أوله بعد البسملة : ( الحمد لله الذي هدانا للإسلام بمحاسنه العلية ) .
وفي آخره : ( انتهى ما أردت إيراده في هذا المختصر في جوار الحضرة العلوية بالنجف الأشرف في السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة تسع وسبعين بعد الألف والثلثمائة من الهجرة النبوية .... ) (3) .
6 ـ ( رسالة في السلام والتحية ) :
للشيخ نور الدين علي بن عبد العالي المحقق الكركي ، المتوفى 940 هـ كما في ( تاريخ عالم آرا ) (4).
7 ـ ( السلامية ) :
للمولى محمد طاهر القمي أحال فيها إلى كتابه ( حجة الإسلام ) ،
--------------------
(1) إيضاح المكنون 1 | 341 .
(2) الذريعة 8 | 20 .
(3) من زملائنا المعاصرين القاطن في بلدة ( أصفهان ) .
(4) الذريعة 12 | 214 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 16 _
أولها : ( الحمد لله السلام المؤمن ... أما بعد ، فهذه رسالة وجيزة موسومة بالسلامية في تحقيق السلام على مذهب الإمامية ، وبيان أنه فرض أو سنّة ... ) مرتبة على مقدمة وثلاثة فصول . وكتابة النسخة في 1307 هـ ، وصارت في مكتبة الإمام أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ بالنجف (1) .
8 ـ ( الصلوات والتحيات على أشرف البريات وآله الأئمة السادات ) : ينسب إلى الخواجة نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المتوفى 672 هـ ، أوله : ( اللهم صل وسلم ) (2) .
9 ـ ( الصلوات والتحيات ) :
للمحدث الفيض محمد محسن بن المرتضى الكاشاني المتوفى 1091 هـ (3) ...
10 ـ ( الصلاة والتسليم ) على النبي وأمير المؤمنين عليهما الصلاة والسلام :
للشريف أبي القاسم علي بن أحمد العلوي الكوفي المتوفى 352 هـ (4) .
11 ـ ( طيب الكلام بفوائد السلام ) :
لعلي بن عبد الله الحسني السمهودي الشافعي نزيل طيبة ، ت 911 هـ ، ألفه سنة 892 ، أوله : ( الحمد لله الملك القدوس السلام ) (5) .
12 ـ ( فتح العلام بأحكام السلام ) :
للسيد علوي بن أحمد بن عبد الرحمن السفاف الشافعي ، كان في حدود سنة 1295 هـ (6) .
--------------------
(1) الذريعة 12 | 214 .
(2) الذريعة 15 | 86 .
(3) الذريعة 15 | 86 .
(4) نفسه 15 | 194 .
(5) كشف الظنون 1 | 1119 ، الذريعة 15 | 194 .
(6) إيضاح المكنون 2 | 166 .
<h3> السـلام في القرآن والحديـث
_ 17 _
هذا ما حضرني من أسماء كتب التحية والسلام ، ومنها يعلم الاهتمام بهما بالصميم .
وللباحث المجال للبحث عنهما من نواحٍ شتى : تفسيرية ، أو فقهية ، أو أخلاقية ، أو اجتماعية ، أو غيرها ، وقد مرت الإشارة إلى كتاب الحجة السيد الميرزا عبد الهادي الشيرازي طاب ثراه ، المحتوي على ألف مسألة شرعية حول السلام ، ومن المؤسف فقدانه في حياة المؤلف لقصة نقلها بعض زملائنا .
ولا يصعب على الناظر في كتابنا الاطلاع على نوعية محتواه ، ومن أي الأقسام ، وأنه السلام في القرآن والحديث ، القسم الاجتماعي والأخلاقي ، وفي غضونه بحوث فقهية ، وذكر شيءٍ من المناسبات ، نفتتح بآيات السلام والتحية ، ثم معانيهما ، ثم الفصول العشرة ، وخاتمتها .
وبعد هذا التمهيد نطلب من الله تعالى العون في بداية الأمور ونهايتها ، إنه خير مطلوب ومعين ، ومن وراء القصد .
<h3> السـلام في القرآن والحديـث
_ 19 _
آيـات السـلام والتحـية
اعلم أن السلام والتحية في القرآن الكريم ، وفي إثره الحديث ، من أهم الآداب الاجتماعية المتفرد به الإسلام ، وللسلام السمو الذاتي ، لأن الله تعالى اختاره اسماً لنفسه ، وعده من أسمائه الحسنى ليسمو أهله في العالم كله ، لسمو هذا الاسم المبارك ، وقد أنزل فيه قرآناً يتلى في كل وقت وفي كل مكان ، قد بلغ ما جاء فيه من صيغ السلام في ستة وأربعين موضعاً ، ومن صيغ التحية في عشرة مواضع ، البالغ مجموعهما ستة وخمسون من خمسين آية ، من ثمان وعشرين سورة من سور القرآن ، وفي إثره الحديث قرابة ثلاثمائة حديث مروي عن الرسول ، صلى الله عليه وآله ، وعن أهل البيت عليهم السلام ، يدل ذلك كله على مزيد الاهتمام به ، وإليك آيات السلام على ترتيب السور أولاً ، ثم آيات التحية كما يلي : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (1) .
--------------------
(1) انساء : 65 ، ولعل هذه الآية لم تكن بذلك الوضوح ، وان كلمة التسليم ظاهرة في الانقياد ولا علاقة لها بالسلام ، والجواب ان الامر ليس كذلك : لأنه سبق في افتتاح الكتاب ما فيه شمول الكلام للسلام بالمعنى الواسع النطاق ، ولا يأبى الانقياد المدلول عليه ، ولأنه الأصل والأساس الذي يبنى عليه سلام التحية ، ولولاه لذهبت أخوة الإسلام وحرمته ، التي جاء ذكرها في حديث الشيخ الصدوق المفتتح به الكلام حول السلام في التمهيد ، وفي بدايته اسم الله السلام ، ووجه التسمية به .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 20 _
( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ ... ) (1) .
( قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ... ) (2) .
( وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ) (3) .
( لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (4) .
( وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ) (5) .
( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (6) .
( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) (7) .
( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ ) (8) .
( وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ ) (9) .
( وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) (10) .
( تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) (11) .
--------------------
(1) النساء : 94 .
(2) المائدة : 15 ـ 16 .
(3) الأنعام : 54 .
(4) الأنعام : 127 .
(5) الأعراف : 46 .
(6) يونس : 10 .
(7) يونس : 25 .
(8) هود : 48 .
(9) هود : 69 .
(10) الرعد : 23 ـ 24 .
(11) إبراهيم : 23 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 21 _
( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ ) (1) .
( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ ) (2) .
( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) (3) .
( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً ) (4) .
( وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ) (5) .
( قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً ) (6) .
( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاماً ) (7) .
( وَالسَّلامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى ) (8) .
( قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (9) .
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (10) .
( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (11) .
( وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً ) (12) .
( أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاماً ) (13) .
( قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ) (14) .
--------------------
(1) الحجر : 46 .
(2) الحجر : 52 .
(3) النحل : 32 .
(4) مـريم : 15 .
(5) مـريم : 33 .
(6) مـريم : 47 .
(7) مـريم : 62 .
(8) طــه : 47 .
(9) الأنبياء : 69 .
(10) النور : 27 .
(11) النور : 61 .
(12) الفرقان : 63 .
(13) الفرقان : 75 .
(14) النمل : 59 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 22 _
( وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ) (1) .
( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ ) (2) .
( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (3) .
( سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) (4) .
( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (5) .
( سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (6) .
( سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) (7) .
( سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (8) .
( وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ) (9) .
( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) (10) .
( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) (11) .
( ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ) (12) .
( إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاماً قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ ) (13) .
( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً ) (14) .
--------------------
(1) القصص : 55 .
(2) الأحزاب : 44 .
(3) الأحزاب : 56 .
(4) يـس : 58 .
(5) الصافات :79 .
(6) الصافات : 109 .
(7) الصافات : 120 .
(8) الصافات : 130 .
(9) الصافات : 181 .
(10) الزمـر: 73 .
(11) الزخرف : 89 .
(12) ق : 34 .
(13) الذاريات : 25 .
(14) الواقعة : 25 ـ 26 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 23 _
( فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ) (1) .
( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (2) .
( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (3) .
( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً )(4) .
( وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) (5) .
( تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ ) (6) .
( فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة ) (7) .
( ويلقون فيها تحية وسلاماً ) (8) .
( تحيتهم يوم يلقونه سلام ) (9) .
( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) (10) .
--------------------
(1) الواقعة : 91 .
(2) الحـشر: 23 .
(3) القـدر : 5 .
(4) النساء : 86 .
(5) يونس : 10 .
(6) إبراهيم : 23 .
(7) النور : 61 .
(8) الفرقان : 75 .
(9) الأحزاب : 44 .
(10) المجادلة : 8 .
قد جاء تفسير أكثر هذه الآيات في غضون أوائل الفصول العشرة وخاتمتها .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 25 _
السلام ومعـانيه في اللغة والقرآن والحديث
السلام ومعانيه :
1 ـ السلام في اللغة .
2 ـ السلام في القرآن .
3 ـ السلام في الحديث .
4 ـ الفروق بين المعاني الثلاثة .
5 ـ اسم الله السلام من أي الأقسام .
1 ـ السلام في اللغة
السلام لغة معناه : الصحة والعافية ، وهي سارية في جميع صيغه إلا ندرة ، قال ابن فارس (1) : السين واللام والميم معظم بابه من الصحة والعافية ، ويكون فيه ما يشذّ ، والشاذّ عنه قليل ، فالسلامة : أن يسلم الإنسان من العاهة والأذى ، قال أهل العلم : الله جل ثناؤه هو السلام ، لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء .
قال الله جل جلاله : ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ ) (2) ، فالسلام الله
--------------------
(1) هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا المتوفى 395 هـ ، الكنى والألقاب 1 | 372 ، و 374 .
(2) يونس : 25 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 26 _
جل ثناؤه ، وداره الجنة ، ومن الباب أيضاً الإسلام وهو الانقياد ، لأنه يسلم من الإباء والامتناع (1) .
والسلام : المسالمة ... السَلَم الذي يسمى السلف ، كأنه مالٌ أسلم ولم يمتنع من إعطائه ، وممكن أن تكون الحجارة سُميت سٍلاماً ، لأنها أبعد شيءٍ في الأرض من الفناء والذهاب ، لشدتها وصلابتها ... والسُلّم معروف ، وهو من السلامة أيضاً ، لأن النازل عليه يرجى له السلامة ، والسلامة : شجر وجمعها سلام ، والذي شذ عن الباب : الدلو التي لها عروة واحدة ... ومن الباب الأول السلم وهو الصلح ، وقد يؤنث ويذكر ، قال الله تعالى : ( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا ) (2) ، والسَلَمة : الحجر ، فيه يقول الشاعر :ذاك خـلـيلي وذو يـعـاتبني يرمي ورائي بالسَّهم والسَلِمَهْ (3)
قال ابن منظور :
السلام والسلامة : البراءة ، وتسلم منه : تبرء ... وقوله تعالى : ( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) (4) معناه تسلُّماً وبراءةً لا خير بيننا وبينكم ولا شر ، وليس على السلام المستعمل في التحية ، لأن الآية مكية ولم يؤمر المسلمون يومئذٍ أن يسلموا على المشركين ... ومنهم من يقول : سلام أي
--------------------
(1) روى الشيخ الكليني ، طاب ثراه ، بإسناده إلى أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : ( لأنسبن الإسلام نسبة لا ينسبه أحد قبلي ولا ينسبه أحد بعدي إلا بمثل ذلك : إن الإسلام هو التسليم ... ) أصول الكافي 2 | 45 .
أقول : لو لم يسلم الإنسان من عاهة الكبر ونخوة الجاهلية الجهلاء لم يُسلم ولا يُسلّم ، ولعل وجه تسمية المسلم بالمسلم لسلامته عن ذلك ، أو عن النزاع ، أو غيره من متعلقات .
(2) الأنفال : 61 .
(3) معجم مقاييس اللغة 3 | 90 ـ 91 ـ سلم ـ وفي هامشه البيت لبُجير بن عنمة الطائي .
كما في اللسان 12 | 297 ـ سلم ، وفيه .
* يرمي ورائي بأمْسهم وأمْسَلِمة *
على لغة حمير من قلب ( أل ) ( بأم ) .
(4) الفرقان : 63 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 27 _
أمري وأمرك المبارأة والمتاركة ... ويقولون : سلام عليكم ، فكأنه علامة المسالمة ، وأنه لا حرب هنالك ... وقيل : ( قالوا سلاماً ) أي سداداً من القول وقصداً لا لغو فيه ... وقوله عز وجل : ( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (1) أي لا داء فيها ، ولا يستطيع الشيطان أن يصنع فيها شيئاً ، وقد يجوز أن يكون ( السلام ) جمع سلامة .
والسلام : التحية ، قال ابن قتيبة يجوز أن يكون السلام والسلامة لغتين كاللذاذ واللذاذة ، وأنشد : تـحـيي بـالسلامة أم بـكر وهل لك بعد قومك من سلام ؟
قال : ويجوز أن يكون السلام جمع سلامة ، وقال أبو هيثم : السلام والتحية معناها واحد ومعناهما السلامة من جميع الآفات ... والسِلم بالكسر ، والسَلام ، وقال : وقـفنا فقلن : إيه سِلْمّ ! فَسلَّمَتْ فما كان إلاَّ وَمؤُها بالحواجب (2)
أقول : قد تعرضنا لبعض هذه المعاني أو كلها في غضون الفصول العشرة (3) أيضاً بالمناسبات ، وتحصل من الكلمات المذكورة أن السلام لغة : التحية ، البراءة من العيب ، الأمن من الشر ، العافية من النقص والمرض ، وغيرها من المعاني ، إلا أن ابن فارس أنكر الاشتراك اللفظي (4) ،
--------------------
(1) القدر : 5 .
(2) لسان العرب 12 | 289 ـ 290 ـ سلم ـ .
(3) منها هذا الفصل فانظره عن آخره ، ومنها الفصل الخامس ، ومنها الثامن الحري بالنظر ، ( السلام ندب والرد فرض ) ، ومنها في الأمر الثالث من الخاتمة بتفصيل .
(4) وقد ذهب آخر إلى الاشتراك اللفظي وأن السلام موضوع لمعان :
1 ـ : التحية .
2 ـ : الحجر المدور .
3 ـ : عروق ظهر الكف وقد نظمها قطرب في أرجوزة له في المثلثات قال : بـدا وحـيا بالسلام رمى عذولي بالسلام
أشار نحوي بالسلام وكـفه الـمختضب
وشرح الأرجوزة عبد الرحمن السنهوري الشافعي بنظمه لكل بيت منها على بحر آخر من البحور الشعرية ، قال : تحية الناس هي السلام مدور الأحجار فالسلام
=
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 28 _
وأن جميع مشتقات السلام هو الصحة والعافية ، ولعله أسد الأقوال على تأمل فيه .
2 ـ السلام في القرآن
من تدبر في آيات السلام وجميع صيغه المتقدم ذكرها ظهرت له معانٍ ، منها : المعنى الاسمي غير الفاقد لمبدأ اشتقاقه اللغوي وهو : اسم الله السلام (1) ، المعدود من الأسماء الحسنى الآتي بيانه في أول الفصول العشرة .
ومنها : المهادنة وترك القتال ، كما في الآية : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) (2) ، بناءً على تفسير السلام فيها بالسَلَم أو على قراءته ، ولعل كلمة ( ألقى إليكم السلام ) ، ولم يقل ( عليكم ) ، أتؤيد ترك القتال كما في نظيرتها : ( فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً ) (3) ، أو ( فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ ) (4) فالأولى نزلت في مرداس بن نهيك الفدكي اليهودي المستبصر وأسامة بن زيد قاتله في قصة له (5) ، والثانية في قبيلة أشجع وموادعتهم ، وكيف كان ، ففي آي من السلام المراد به ترك الحرب .
ومنها : الدعوة إلى السلام بمعنى الصلح من غير سبق حرب ، أي
--------------------
=عروق ظهر الكف فالسلام بـل أنمُلُ تُزانُ بالأظفار
ملحقات البلغة في شذور اللغة 169 ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت 1914 .
(1) انظر سورة الحشر : 23 ( القدوس السلام ) وهو اسم غير علم لله تعالى ومع العلمية يفقد المعنى اللغوي .
(2) النساء : 94 .
(3) النساء : 90 .
(4) النساء : 91 .
(5) تفسير القمي : 1 | 148 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 29 _
الصلح الابتدائي العالمي ، لأن الناس كلهم وبأجمعهم لآدم وحواء أبناء وإخوة نسبية ، من قبل أن يكونوا إخوة إيمانية بل وحتى الإيمانية قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ) (1) بدليل آخر الآية : ( وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (2) أي الاستسلام والطاعة ، قال الفيض : وقرئ بالفتح وهو بمعناه ، وفي الكافي والعياشي عن الباقر عليه السلام : ولايتنا ، والعياشي عن الصادق عليه السلام في ولاية علي عليه السلام (3) ... والسلم المسالمة في الدين والمذهب وولاية أهل البيت وأحكام الإسلام بأسرها وعدم التفرق والتبدد ، وحاصل الآية : الوفاء والأخوة الإسلامية الإيمانية والانقياد ، وكل ما لهذه اللفظة ، أي السلم ، من معنى ، وكذا الدعوة إلى السلم ، ولابد أن تكون مصحوبة بالضعف والخوار ، بل تكون دعوة كريمة سامية كما قال تعالى ( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ ) (4) ، وفي معناه آي في القرآن لا تخفى على المتدبر فيه .
ومن آيات السلام ، وهي الأكثر بمعنى التحية ، التي لا تنفك عن معاني السلام الثلاثة لأن السلام لغة الصحة والعافية إطلاقاً من الأحداث والنقائص وكل مكروه ، ومن معانيه المسالمة والسلامة للمسلم والمسلم عليه ، ومنها الأمن والأمان من الشر والخوف ، ومنها غير ذلك مما يأتي بالمناسبات في الفصول العشرة بيانه وتوضيحه .
وحصيلة تفاسير السلام في القرآن أمور أربعة :
1 ـ التسمية غير العلمية وهي اسم الله السلام (5) .
2 ـ الموادعة وترك القتال .
3 ـ الصلح العام لعامة البشر بصورة عامة وللمؤمنين بالخصوص .
--------------------
(1) البقرة : 208 .
(2) البقرة : 208 .
(3) تفسير الصافي 1 | 182 .
(4) محمد (ص) : 35 .
(5) الحشر : 23 .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 30 _
4 ـ التحية المتعارفة الكافلة لها الفصول العشرة والكتاب كله .
وآيات السلام وصيغه تعطي القارئ المعاني الأربعة ، ومن تدبر القرآن ، ومنه آيات السلام ، لا يفقد المسالمة المطلقة ، ولا تنفك عنه الدعوة إليها قولاً وعملاً ، والعمل أوقع وأصدق دعوة من القول ، ومن ثم جاء الحث البالغ والامر بالدعوة بغير طريق اللسان كما في الصادقي : ( كونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً ) ، وفي الآخر : ( كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصلاة (1) والخير ، فإن ذلك داعية ) (2) .
3 ـ السلام في الحديث
المستفاد من الأحاديث المأثورة عن أهل البيت ، عليهم السلام ، حول السلام معان كثيرة تعتبر من آثاره ، وآثار الشيء هي التي تصيره حسناً أو قبيحاً ، وبها تظهر ظاهرته ، وظاهرة القائم به ، وعليها تدور رحى المثوبة والعقوبة ، ومن هنا بنى الإسلام أحكامه على أفعال المكلفين التي تعتبر من آثارهم فيثابون أو يعاقبون عليها ، وبها ينالون الدرجات العلى ، أو ضد ذلك .
وعليه نذكر من حسن السلام وآثاره الطيبة المستخرجة من الأحاديث ما يلي :
1 ـ السلام : لحسنه الذاتي وأثره الطيب صار اسماً من أسمائه تعالى .
2 ـ السلام : طاعة الله كما في الباقري ، وطاعة الرحمن كما في الصادقي (3) .
3 ـ السلام : اسم الله الفاشي في الخلق .
--------------------
(1) على احتمال ( الصلاح ) .
(2) الوسائل 1 | 56 ، الباب 16 من أبواب مقدمة العبادات ، الحديث 1 و 2 .
(3) فروع الكافي 5 | 530 ، الباقري ، فروع الكافي 5 | 529 ، الصادقي .
أقول : لم نذكر لباقي الأثار مصادرها هنا ، لأنها تأتي تقاصيلها في مظانها .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 31 _
4 ـ السلام : أمان من العذاب .
5 ـ السلام : أمن من الخوف والشر .
6 ـ السلام : أمن من الفساد وعما يبطل الصلاة لأن به الخروج منها .
7 ـ السلام : تحية أهل الجنة .
8 ـ السلام : سلامة المسلم والمسلم عليه .
9 ـ السلام : حق عام لعامة الناس .
10 ـ السلام : دعاء وتبجيل .
11 ـ السلام : كالبسملة يشافه به ، ويكتب ابتداءً ويفتتح به .
12 ـ السلام : من الحقوق التي يطالب بها ومن حقوق المسلم على المسلم .
13 ـ السلام : بركة من عند الله وتحية طيبة .
14 ـ السلام : حفظ وحرز لصاحبه لأنه اسم الله تعالى .
15 ـ السلام : زيادة في الحب والألفة .
16 ـ السلام : أدنى إحسان المحسن .
17 ـ السلام : من الآداب الإسلامية الرفيعة .
18 ـ السلام : ترفيع وعمل جميل للجميع .
19 ـ السلام : تواضع وانقياد .
20 ـ السلام : دفع لبعض شرور الأشرار من الجن والناس أجمعين .
21 ـ السلام : تعظيم وتحية للملكين الرقيب والعتيد والحفظة .
22 ـ السلام : من نُبل وكَرَم صاحبه .
23 ـ السلام : من عوامل التسخير للقلوب .
24 ـ السلام : تسكين الخواطر وتطييب النفوس والضمائر .
25 ـ السلام : عمل قليل وثوابه جليل .
26 ـ السلام : من التحف والهدايا .
27 ـ السلام : من حسن التلاقي وكرامة المواجهة .
28 ـ السلام : امتثال للأمر وتوثيق من الله لصاحبه .
29 ـ السلام : نعمة يتنعم بها صاحبه .
30 ـ السلام : رحمة من الله للعباد .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 32 _
31 ـ السلام : بشارة ودعوة إلى السلام العالمي بلطف .
32 ـ السلام : التفائل بالخير ونجاح الأمر .
33 ـ السلام : قبول للعذر ، وإقبال .
34 ـ السلام : سمو ورفعة لصاحبه .
35 ـ السلام : متابعة الأنبياء والأوصياء والملائكة والصالحين .
36 ـ السلام : من موجبات العفو والصفح .
37 ـ السلام : ستر للعيوب .
38 ـ السلام : من جمال السيرة وحسن السريرة .
39 ـ السلام : استئذان وإعلام .
40 ـ السلام : من الأخوة الإسلامية .
41 ـ السلام : حسن الابتداء والختام .
42 ـ السلام : من الأعمال الصالحة ، وبدايتها .
43 ـ السلام : يدفع صاحبه إلى الخير ويلحقه بأهله .
44 ـ السلام : مكافأة ومماثلة ومفاضلة .
45 ـ السلام : ابتداء وانتهاء ، ورعاية وعِشرة .
46 ـ السلام : رمز الصحة والعافية ، ورمز لسلامة الجميع .
47 ـ السلام : الظاهرة الأنسانية السامية ، وإظهار للشوق .
48 ـ السلام : إفشاؤه مزيل للبخل .
49 ـ السلام : التحفة السماوية المهداة للبشر .
50 ـ السلام : من المهام الإسلامية .
51 ـ السلام : من القول الحسن والكلام الطيب النازل من عند الله تعالى .
52 ـ السلام : خفيف على اللسان ثقيل في الميزان .
53 ـ السلام : سلوة الحزين وتخفيف للغم .
54 ـ السلام : محبوب للجميع وبصالح المجتمع .
55 ـ السلام : استشفاع وخير شفيع .
56 ـ السلام : أمام كل شيءٍ وإمام الخصال ومفتاح الأقوال .
57 ـ السلام : خير محض وتذكرة العالم وتعليم الجاهل خفية .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 33 _
58 ـ السلام : رسالة الخير ، لأهل الخير .
59 ـ السلام : مظلة ومن ثم يقال ( السلام عليكم ) أي كالمظلة على رؤوسكم .
60 ـ السلام : موادعة ومهادنة .
61 ـ السلام : للأحياء والأموات وفي الدنيا والآخرة .
62 ـ السلام : لا ينفك عن أهل السلام في اليوم والغد .
63 ـ السلام : حروف الصفاء للصفوة ، وكلمة أهل القلوب .
64 ـ السلام : سُلّمٌ للسلامة .
65 ـ السلام : دعوة بلطف كالبسملة ومنع عن الإعراض .
66 ـ السلام : تنزيه وتقديس .
67 ـ السلام : إخضاع وخضوع .
68 ـ السلام : استباق إلى الخير ومسارعة إلى الجنة .
69 ـ السلام : ترفيع الوضيع ومزيد لرفعة الرفيع .
70 ـ السلام : إداة الصلح ، والصلح خير .
71 ـ السلام : لا تدخله التقية أبداً .
72 ـ السلام : مرضاة الرحمن ، ومسخطة الشيطان .
73 ـ السلام : ذكر من الأذكار للذاكرين .
74 ـ السلام : زوال للكدرة ، وتثبيت للمودة ، وظاهرة الحب والولاء .
75 ـ السلام : إدخال السرور في القلوب .
76 ـ السلام : من خير أخلاق أهل الدنيا والآخرة .
77 ـ السلام : مزيد للخير وبركة في البيت وطرد للشياطين .
78 ـ السلام : كفارة للسيئات ونماء في الحسنات .
79 ـ السلام : يدخل صاحبه الجنة .
80 ـ السلام : من الإيمان وجوامعه وحقائقه .
81 ـ السلام : من تبادل الحب والوفاء .
82 ـ السلام : تركه عقاب أو عتاب .
83 ـ السلام : أنس من الوحشة .
84 ـ السلام : شيمة الملائكة والأرواح الطيبة .
<h3>السـلام في القرآن والحديـث
_ 34 _
85 ـ السلام : تركه ذل وهوان .
86 ـ السلام : من الفوائد والخير المعرض للجميع .
87 ـ السلام : أمانة الله في الأرض .
88 ـ السلام : من دلائل المحبة .
89 ـ السلام : موجود في كل مكان ومن دعاة الخير لطلابه .
90 ـ السلام : من خير الآداب لأهل العالم كلهم .
91 ـ السلام : تحية سماوية جاء بها الوحي للمسلمين .
92 ـ السلام : سلامان : سلام لقاء ، وسلام وداع .
93 ـ السلام : براءة من الكبر .
94 ـ السلام : تحمله من الأمانات التي لا بد من ردها إلى أهلها .
95 ـ السلام : من أدب الزائر وغيره .
96 ـ السلام : خير عوض عن الفائت .
97 ـ السلام : يبل به الأرحام وتوصل به .
98 ـ السلام : يجب الجواب عنه حتى من المصلي بالمثل له .
99 ـ السلام : مستحب إلا في بعض الأصناف .
100 ـ السلام : بداية الأمور ، وخاتمتها في المواجهة ، والكتابة وغيرها .
وهذه مئة أثر من آثار السلام منتزعة من الأحاديث التي لا تخفى على من تدبر في معانيها ، ولعل المتدبر يظفر بأكثر منها .
وهذه الآثار كما تأتي الإشارة إليها تشترك فيها آيات السلام والأحاديث ، لأن السلام بما هو سلام لا تنفك عنه هذه الآثار المذكورة مهما ذكر السلام في آية كان أو رواية ، ومعناه : أن السلام بطابعه تصحبه الآثار ، حتى إذا كان في غير الكتاب والحديث وإنما هما كاشفان عن تلك الآثار الكائنة للسلام ، والناس في غفلة منها ، لأنهم يجهلون كل شيءٍ من يوم خروجهم من بطون الأمهات ، كما قال تعالى : ( وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ) (1) فلم يعلموا بها ، ولا بغيرها من الآثار والحقائق ، وجاء الإسلام لتعليمها للناس والحمد لله .
--------------------
(1) النحل : 78 .