سرعة انتقاله في الأرض
ففي حديث النواس بن سمعان في (صحيح مسلم): أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن إسراع
الدجال في الأرض فقال:
((كالغيث استدبرته الريح))
وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيجول في أقطار الأرض ولا يترك بلدا إلا دخله إلا مكة
والمدينة ففي حديث أنس في (الصحيحين):
((ليس من بلدٍ إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة))
جنته وناره
ومما يفتن الدجال به الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار أو معه ما يشبه نهرا من ماء ونهرا من نار
وواقع الأمر ليس كما يبدو للناس فإن الذي يرونه نارا إنما هو ماء بارد وحقيقة الذي يرونه ماء باردا
نار.
ففي (صحيح مسلم) عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((معه (أي: الدجال) جنة ونار فناره جنة وجنته نار))
استجابة الجماد والحيوان لأمره
ففي حديث النواس بن سمعان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
((فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح
عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون
عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها
أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل))
قتله ذلك الشاب ثم إحياؤه إياه
عن أبي سعيد الخدري قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما حديثا طويلا عن الدجال فكان
فيما حدثنا قال:
((يأتي وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فينتهي إلى بعض السباخ التي تلي المدينة فيخرج إليه
يومئذ رجل هو خير الناس - أو من خير الناس - فيقول له أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله
صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر فيقولون لا.
قال فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحييه والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن - قال - فيريد الدجال
أن يقتله فلا يسلط عليه))
عقيدة أهل السنة والجماعة في المسيح الدجال
قال النووي في (شرحه لمسلم): قال القاضي:
هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده وأنه
شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى: من إحياء الميت الذي يقتله
ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن
تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى: ومشيئته
ثم يعجزه الله تعالى: بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى
الله عليه وسلم ويثبت الله الذين آمنوا
هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافاً لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج
والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخاري المعتزلي وموافقيه من الجهمية وغيرهم في أنه صحيح
الوجود ولكن الذي يدعي مخارف وخيالات لا حقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات
الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة فيكون ما معه كالتصديق
له وإنما يدعي الإلهية وهو في نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص
صورته وعجزه عن إزالة العور الذي في عينيه وعن إزالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه ولهذه
الدلائل وغيرها لا يغتر به إلا رعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة في سد الرمق أو تقية وخوفا
من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره في الأمر فلا يمكث بحيث
يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه في هذه الحالة.
القيامة الصغرى لعمر بن سليمان الأشقر