مسجد واحد فعل ما لم تفعله جامعات الدنيا:
ذلك المسجد هو مسجده صلي الله عليه وسلم الذي اختاره ليكون جامعة للدنيا بأسرها،
ومنارة يهتدي بها في الأرض ،
ومركزاً للتعليم والتوجيه والإرشاد ،
ومكاناً للتفقه في علوم الدين والدنيا ويكفيه فخراً أنه مهبطاً لوحي السماء على خير الرسل والأنبياء .
ذلك المسجد الذي قال فيه الحق سبحانه:
(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ_)(التوبة: الآية109)
ذلك المسجد الذي كان جامعاً لأمور الدين، وجامعة لشئون الدنيا.
وليس أدل من ذلك من أنه ظل معقلاً من معاقل التربية والتعليم لعدة قرون،
تمكن من خلالها من تخريج الأكفاء لإقامة دولة الإسلام الممتدة من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب ،
وإمدادها بالعاملين الصادقين المخلصين في كل مجال من مجالات الحياة.
فقد كانت المساجد تخرج الخلفاء والأمراء،
والقواد والزعماء ، والمحدثين والفقهاء، والمفسرين، ورجال القضاء وأساتذة اللغة،
والنبلاء والأبطال والشهداء والمفكرين والعلماء والمفتين،
والأدباء والدعاة والشعراء وغيرهم ممن سمع لهم التاريخ، وشهد لهم الزمن
بأنهم أصحاب التأثير العظيم في مسار عجلة الزمن،
وفي ثقافة الأمم وحضارة الشعوب،
والتاريخ خير شاهد بأن أذن الدهر ما سمعت بجامعة حولت أمة كانت لاهية لاغية عابثة الى أمة راشدة قائدة، رائدة ماجدة،
تنطق بكتاب ربها سبحانه، وتحكم بالعدل، وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر.
كل هذه الإنجازات العظام انطلقت من مسجده عليه الصلاة والسلام.
الشيخ / عائض القرني