العاقل لا يظهر عداوته لأحد ولو كان عدوّاً له في الحقيقة؛ لأنه فائدة من إظهار العداوة ,
ولان معنى ذلك إعلان الحرب على العدو وأخباره بهذه العداوة حتى يتهيأ ويرسم الخرط ويكون مستعدا,
ثم انه لا يعلم العواقب إلا الله وحده, فقد ينقلب العدو صديقاً مثلما ينقلب الصديق عدواً, فاظهرْ البشر والبشاشة لكل أحد ,
فالصديق يستأهل هذا واكثر, والعدو تفتَّ في عضده ابتسامتُك وتخلط أوراقه ,
وقد تستدر عطفَه, وتغير موقفه , ويبقى في حيرة , فان كان مصممِّاً على عداوته,
فان هذه البسمة والبشاشة بحسن اللقاء تزيدك قوة وتجعلك متحكّماً في الوضع
,وإن كنت مقبلاً على مصافته فهذه خطوة في الطريق,
وما رأيت أحد يُظهر العداوة للناس ألا لقلة عقله وضعف رائيه ,
فلا فائدة من كشف المكنون ولا مصلحة من تعبيث الوجه,
وما هكذا تبدأ عداوات الرجال, فهم ابعد غوراً,
واعمق تصرفاً من مجرد حركاتٍ صبيانية, وتصرفات رعناء ٍ .