من أخطائنا أننا نعشق الموت اكثر من الحياة, بمعنى أننا نبذ الفناء على البناء, فلو طلبت من المسلمين مثلاً أن يهدموا داراً للباطل لفعلوا وهذا جميل , لكنهم لا يبنون مصنعاً أو معملاً للإنتاج ,ولهذا تجد كل ما نستهلكه ليس مما عملته أيدينا, فنحن عالة على غيرنا في الصناعة والزراعة والطب والهندسة , وكل أسباب الحياة , ونحن مستعدون للموت في سبيل الله وهذا جميل , ولكن ما نحب آخرة طيبة فإننا نريد حياة كريمة فيها عز وبناء وانتاج وعمل .
ومن أخطائنا أننا منهمكون في ذكر أمجادنا السابقة , والتغني بفتوحاتنا وانتصاراتنا التي سلفت ,بينما نعيش الهزيمة في واقعنا ! , فهل ينفعنا أمام أعداء اليوم أن نقول لهم إننا انتصرنا في حطين على الصليبيين ؟.. كل أمة انتصرت أحياناً وانهزمت أحياناً, فلماذا نفشل في حياتنا المعاصرة , ثم نقول للناس اسمعوا واعوا , نحن أبطال بدر واحد واليرموك والقادسية ؟!. ما احقنا بقول الشاعر : الهي بني تغلب عن مكرمة.... قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
إن علينا أن نصلح واقعنا ولا ننسى تاريخنا ,أما أمس الذاهب فقد تولى بخيره وشره , والناس لا ينظرون إلى الوراء , ولا يهتمون بالغائب.
ومن أخطائنا قراءتنا التاريخ للمتعة والتسلية وتزجية الأوقات , مع العلم انه عبرة وعظة وتذكير , وفيه تطبيق عملي لسنن الله تعالى في الكون والحياة , وهو مدرسة الحياة الكبرى ,ففيه تظهر الحكم الربانية , والأسرار الإلهية في الأمم والشعوب والأفراد , وعاقبة الصلاح والفساد ,وقانون النمو والارتقاء والذبول والانحطاط , ومنه تؤخذ الدروس القيمة , والعبر الحية , أما أن نمر على أحداثه مروراً سريعاً , ونطالع قصصه لإشباع هواية النفس و إرضاء الخاطر بحكايات الأولين , فهذا ضياع للعمر وتفويت للمقاصد .