المسألة التاسعة : ماذا لو أتى رمضان وأنا لم أقضِ ما علي من الصيام ؟
إذا كان قد فاتك الصيام لعذر ، لعجز أو نحوه ، فلا شيء عليك ، وتقضي ما عليك بعد رمضان.
أما إذا كنت قد تركت القضاء تهاوناً وتكاسلاً ، فعليك أن تقضيه بعد رمضان ، وبالإضافة إلى ذلك ، تطعم عن كل يوم مسكين ، كما دلت على ذلك الأدلة الصحيحة.
المسألة العاشرة : أقسام الناس من حيث أكل الطعام أو الشرب قبل وبعد الأذان
1- أن يتيقن أن الفجر لم يطلع ، (( مثال أن يكون طلوع الفجر في الساعة الخامسة ، ويكون أكله وشربه في الساعة الرابعة والنصف فصومه صحيح )) ، وهذا مشهور ومعروف لدى الجميع.
2- أن يتيقن أن الفجر طلع ، كأن يأكل في المثال السابق في الساعة الخامسة والنصف فهذا صومه فاسد.
3- أن يأكل وهو شاك هل طلع الفجر أو لا ، ويغلب على ظنه أنه لم يطلع ، فصومه صحيح.
4- أن يأكل ويشرب ، ويغلب على ظنه أن الفجر طالع فصومه صحيح أيضاً.
5- أن يأكل ويشرب مع التردد الذي ليس فيه رجحان ، فصومه صحيح.
قال الشيخ ابن عثيمين بعدما ذكر هذا الكلام :
كل هذا يؤخذ من قوله تعالى : { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } [ الشرح الممتع : 6/395 ].
وذكر رحمه الله مسألة بعد كلامه وهي :
وهل يقيد هذا فيما إذا لم يتبين أنه أكل بعد طلوع الفجر ؟
فأجاب رحمه الله : (( الراجح أنه لا يقيد ، حتى لوتبين له بعد ذلك أن الفجر قد طلع ، فصومه صحيح بناءً على العذر بالجهل في الحال )) [ الشرح الممتع : 6/395 ].
وقال رحمه الله : (( والصواب أنه لا قضاء عليه ولو تبين له أنه بعد الصبح ، لأنه كان جاهلاً ، ولأن الله أذن له أن يأكل حتى يتبين ، ومن القواعد الفقهية المقررة أن ما ترتب على المأذون
فليس بمضمون ، أي : ليس له حكم لأنه مأذون فيه )).
المسألة الحادية عشرة : هل يُعتبر من أكل وهو يظن أن المغرب قد أذن ، ثم تبين أن الشمس لم تغرب بعد أنه مفطر ؟
قال العلماء ، أن الشخص إذا كان شاكاً وأفطر،فإن صيامه قد فسد ، وأن عليه قضاء وكفّارة.
وذلك لأن الأصل بقاء النهار ، واليقين لا يزول بالشك.
* أما من ظن ( والظن أقل من الشك ، فهو احتمال شيء ،مع وجود احتمال مضاد ضعيف ، أما الشك ،فهو تساوي ضدين ، فلا يعلم أيهما يختار ).
* وأما من ظن أن الشمس غربت ثم أفطر ،ثم تبيّن أن الشمس لم تغب ، فهناك خلاف ،وقال بعض الأئمة أنه يجب عليه قضاء ، وأما القول الذي رجحه الكثير من المشايخ مثل الشيخ ابن عثيمين أنه ليس عليه قضاء فقال : (( فإن قال قائل : ما الدليل على أنه يجوزالفطر بالظن مع أن الأصل بقاء النهار ؟ فالجواب : حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : (( أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم )) وإفطارهم بناءً على ظن- قطعاً - لقولها في الحديث : (( ثم طلعت الشمس ))
فدل ذلك على أنه يجوز أن يفطر بظن الغروب ، ثم إن تبين أن الشمس غربت فالأمر واضح ، أو لم يتبين شيء فالأمر واضح ، وإن تبين أنها لم تغرب وجب القضاء على المذهب - يعني مذهب الإمام أحمد - وعلى القول الراجح لا يجب القضاء .)) [ الشرح الممتع : 6/397 ].
فبهذا تعلم أن المسألة محتملة ، وأن بها قولان قويان للعلماء ، فهنا يجب أن نحتاط لديننا ، وأن نقضي اليوم إذا قمنا بأحد الأشياء التي ذكرتها.
المسألة الثانية عشرة : ما حكم شم رائحة العطور للصائم ؟
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز للصائم أن يشم رائحة الطيب والعود ؟
فأجاب رحمه الله : (( لا يستنشق العود ، أما أنواع الطيب غير البخور فلا بأس بها ، لكن العود نفسه لا يستنشقه ، لأن بعض أهل العلم يرى أن العود يفطر الصائم إذا استنشقه ، لأنه يذهب إلى المخ والدماغ وله سريان قوي ، أما شمه من غير قصد فلا يفطره )) [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز : 5/266 ].
وسئل رحمه الله : هل يجوز استعمال الطيب كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان ؟
فأجاب رحمه الله : (( نعم ، يجوز استعماله ، بشرط ألا يستنشق البخور )) [ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز : 15/267 ].
المراجع:
1- الشرح الممتع على زاد المستقنع ط - طار ابن الجوزي لشيخنا العلامة ابن عثيمين
2- توضيح الأحكام من بلوغ المرام ط - مكتبة الأسدي للشيخ عبد الله البسام
3- مجموع الفتاوي والمقالات المتنوعة للشيخ ابن باز مؤسسة الحرمين
4- فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية وابن عثميين