" الغفور - الغفّار - الغافر "
ورد اسم " الغفور " في القرآن الكريم في واحد و تسعين موضعا
كقوله تعالى : { إنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ } [البقرة:173]
و قوله عزل وجل : { نَبِّئ عبادِي أني أنا الغفورُ الرحيمُ } [الحجر:49]
و في الغالب يقترن هذا الاسم بالرحمة أو بالعزة, لـ معانٍ وأسرار مدهشة
فاقتران الرحمة بالمغفرة كأنه من باب اقتران السبب بالنتيجة؛ فمغفرته سبحانه لعباده بسبب رحمته و رأفته بهم
و اقتران المغفرة بالعزة : لبيان أنه غفر وسامح مع قدرته على الأخذ و الانتقام؛ ولذا مدَحَ الناس العفو عند المقدرة
و قد يقترن اسم الغفور بالودود كقوله تعالى : {وهُوَ الغفورُ الودودُ} ؛ إشارة إلى انه مع المغفرة يزيل آثار الذنب ..
أما العباد فربما سامحوا ولكن تبقى الجفوة و الوحشة
* ورد اسم الله " الغفار " في خمس آيات , كقوله : { ربُّ السمواتِ و الأرضِ وما بينهما العزيزُ الغفارُ } [ص:66]
* ورد اسم الله " الغافر " في قوله تعالى : { غافِرِ الذنبِ و قابِلِ التوبِ } [غافر:3]
و على صيغة الجمع في قوله : { أنتَ وليُّنا فاغفِرْ لنا وارحَمنا وأنتَ خيرُ الغافرين } [الأعراف:155]
* " الغفور " من الغَفر, وهو الستر. يقال : غفر الشيء , أي ستره و غطاه؛ وهكذا هي المغفرة
* ثبت في الصحيح أن الله تعالى ينادي في الثلث الأخير من الليل فيقول : " هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من داع فأجيبه؟ " _أخرجه أحمد و البخاري و مسلم
* يقول الله سبحانه و تعالى في الحديث القدسي : " يا ابن آدم, إنك ما دعوتني و رجوتني, غفرت لك على ما كان فيك و لا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " _ أخرجه أحمد و مسلم
* سمى نفسه سبحانه وتعالى " الغفور " ؛ لأنه خلق عبادا علم أن من شأنهم أن يذنبوا و يستغفروا
ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم, ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله ؛ فيغفر لهم "_ أخرجه مسلم
* كان النبي صلى الله عليه و سلم يعلم أصحابه سيد الاستغفار , أن يقول الانسان في الصبح و المساء : " اللهم انت ربى لا إله إلا أنت خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك و وعدك مااستطعت اعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليَّ و أبوء بذنبى فاغفر لي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت " _ أخرجه البخاري
* إن من مغفرة الله عزل وجل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن عبداً أصاب ذنباً فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً فاغفر لي. فقال له ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له،
ثم مكث ما شاء الله تعالى، ثم أصاب ذنباً آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً آخر فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، فغفر له،
ثم مكث ما شاء الله ، ثم أذنب ذنباً آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنباً فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به، فقال ربه: غفرت لعبدي فليعمل ما شاء " _أخرجه البخاري و مسلم
وهذا الحديث يدل على أن وقوع العبد في الذنب مرة أخرى بعد ما تاب منه, لا يجعل الذنب الأول يعود إليه, والله سبحانه و تعالى لا يعود علينا في شيء أعطانا إياه
أسباب الحصول على مغفرة الله :
* قال صلى الله عليه وسلم " غُفِرَ لامرأة مومسة من بني إسرائيل , مرت بكلب ركي يلهث كاد يقتله العطش , فنزعت خفها , فأوثقته بخمارها , فنزعت له من الماء فغفر لها بذلك " _أخرجه الباخري و مسلم
* قال صلى الله عليه و سلم " بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب فشكر الله له، فغفر له ". قالوا يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا قال " في كل كبد رطبة أجر " _رواه البخاري و مسلم
* و في حديث آخر قال صلى الله عليه و سلم " بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق, فأخره فشكر الله له فغفر له " _رواه البخاري ومسلم
* كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " كان تاجر يداين الناس, فإذا رأى معسرا قال لفتيانه: تجاوزوا عنه, لعل الله يتجاوز عنا, فتجاوز الله عنه " _ أخرجه البخاري ومسلم
فمن أحب أن يغفر الله له فليغفر للناس وليعف عنهم وليصفح , بل وليتعد ذلك إلى الاحسان إليهم
كما قال سبحانه و تعالى : { والكاظمينَ الغيظَ و العافينَ عنِ الناسِ } ثم ارتقى إلى درجة ثالثة : { واللهُ يُحبُّ المُحْسِنين } [آل عمران:134]
* قد يكفر الله سبحانه و تعالى عن العبد ذنوبه بأشياء كثيرة , إما بأعمال صالحة, أو بتوبة و ندم صادق, أو مصائب نزلت به
و قد قال صلى الله عليه و سلم : " ما يصيب المسلم من نصب, ولا وصب, ولا هم, ولا حزن, ولا أذى, ولا غم, حتى الشوكة يشاكها, إلا كفر الله بها من خطاياه " _ أخرجه البخاري و مسلم