تأريخ المسجد الأقصــــــــــــــــــــ ـــى
المسجد الأقصى المسقوف ثم بعد ذلك يبين الكاتب هذه المنشآت الإسلامية كل على حدة، فيبدأ حديثه بالمسجد الأقصى المسقوف الذي يصلي فيه الرجال والذي يقع جنوب المسجد الأقصى، وقد أنشأ هذا المسجد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بن مروان، ويتألف هذا المسجد من بناء مستطيل الشكل، يتوسطه رواق كبير يصل مباشرة إلى القبة، ويحيطه من الشرق ثلاثة أروقة ومن الغرب ثلاثة أروقة، يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب (80) متراً، وعرضه من الشرق إلى الغرب (55) متراً. ويبين الكتاب الجريمة التي تعرض لها هذا المسجد في تمام الساعة السابعة من صباح يوم الخميس الموافق 21 / 8 / 1969 م ، حيث تطاول مجرم صهيوني يدعى (دينيس مايكل وليم روهان) على حرمة المسجد فأحرقه، وبلغت مساحة الجزء المحترق (1500) متر مربع، وقد أصاب هذا الحريق المنبر الأثري الذي أمر بصنعه الشهيد نور الدين محمود زنكي ليُنصب في المسجد، وأمر بإحضاره إلى القدس السلطان صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس عام 583 هـ / 1187م، كما احترق مسجد عمر رضي الله عنه، ومحراب زكريا عليه الصلاة والسلام، ومقام الأربعين، وثلاثة من أروقة المسجد مع الأعمدة والأقواس الحاملة لها، والقوس الحاملة لقبة الصخرة، وأعمدة رئيسة تحمل قبة المسجد، إضافة إلى سقوط سقف المسجد وخراب الزخرفة، وإتلاف أجزاء من القبة الخشبية الداخلية المزخرفة، والمحراب والجدار القبلي والرخام الداخلي، وعدد من الشبابيك والزجاج الملون والسجاد، وسورة الإسراء الفسيفسائية المذهبة والتي تبتدئ من فوق المحراب.
قبة الصخرة تتألف قبة الصخرة من قبة ذهبية اللون تعلو بناء مثمناً له أبواب أربعة تفتح على الجهات الأربع، ويحيطها من الخارج جدران رخامية يعلوها واجهات قاشانية بدلاً من الواجهات الفسيفسائية التي كانت موجودة في مثمن القبة من الخارج حتى عام 955 هـ / 1548 م. ولقد سمي مسجد الصخرة نسبة إلى الصخرة الجرداء التي تتوسط المسجد والتي يعتقد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعان بها في صعوده إلى السماوات العلا. بني هذا المسجد في عام 66هـ 685م بأمر من الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، ولقد أشرف على بنائه رجاء بن حيوه الكندي ويزيد بن سلام، ولقد تم رصد ريع خراج مصر على مدار سبع سنوات كاملات لتغطية نفقات هذا المشروع الفريد، ولقد تم البناء في 72هـ –991م، ولقد فاض من المبالغ المرصودة لإعماره مائة ألف دينار رغب الخليفة أن يعطيها مكافأة تقسم بين رجاء ويزيد مناصفة لجهودهما وإخلاصهما في إتمام هذا المشروع، ولكنهما رفضا رفضاً باتاً، ولذلك أمر الخليفة أن تُصهر النقود الذهبية لتُطلى بها القبة والأبواب، فلذلك فاقت هذه القبة حدود الإبداع والجمال بسبب هذا اللون النحاسي المطلي بالذهب.
المصلى المرواني يتطرق الكتاب بعد ذلك للمصلى المراوني الذي يقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد الأقصى، وتبلغ مساحته حوالي (3750) متر مربع، ويعود تاريخ بنائه إلى العصر الأموي في القدس؛ إذ يبدو أن بناءه تم على أنقاض مسجد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الذي بناه المسلمون من الخشب حين فتح بيت المقدس عام 15 هـ/636 م. وقد أعاد الخليفة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بناء سقف المصلى المرواني، وتشابهت الدعامات الحجرية الحاملة لعقود المصلى في تصفيفها بدعامات جامع بني أمية في دمشق، حيث رفعت المداميك على نحو رأسي غير أفقي، وتشابه أسلوب البناء والمخطط المعماري كذلك بأسلوب صهاريج الرملة التي بناها سليمان بن عبد الملك.
حائط البراق ويحظى الجزء الغربي والجنوبي من الباحة بأهمية مميزة لوجود حائط البراق (الحائط الغربي) الذي اكتسب هذه التسمية من قيام الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بربط البراق عند هذا الحائط حينما أُسري به، ويبلغ طوله حوالي (48) متراً، وارتفاعه حوالي (17) متراً، ولقد أقام المسلمون مسجداً في هذه البقعة. ويتطرق المؤلف إلى ادعاء اليهود أن هذا الحائط هو الجزء المتبقي من جدار هيكل سليمان الذي بناه هيرودوس 18 ق.م، مبيناً أن جميع الحفريات الصهيونية قد فشلت تماماً في العثور على أي دليل يفيد زعمهم الكاذب، ولقد أشفق المسلمون بعد الفتح العمري على اليهود فسمحوا لهم بالبكاء قرب هذا الحائط، وكان عدد اليهود قليلاً جداً آنذاك، وكان عرض الرصيف الذي يقف عليه اليهود (4) م فقط، وهذا الرصيف يعود إلى أوقاف عائلة "أبو مدين" وكان اليهود يدفعون لمتولي الوقف (300) جنيه سنوياً في عصر "محمد علي" دون أن يكون لليهود أي حق قانوني في المكان، وفي عهد الانتداب البريطاني تمادى اليهود في استخدام المكان، وادعوا ملكيته مما أدّى إلى قيام ثورة البراق في آب 1929 التي استشهد فيها (116) شخصاً وجرح (232)، وسجن من الفلسطينيين قرابة ألف شخص، وتم إعدام (26) من الفلسطينيين ولقد أظهر الانتداب البريطاني تحيّزه لليهود وعداءه للعرب في فلسطين، وعلى أثر هذه الحوادث الدامية شُكلت لجنة دولية لتقصي الحقائق، فزارت المكان، وقررت أن ملكية الحائط تعود للمسلمين وحدهم دون منازع، وكان ذلك في كانون الثاني 1930م.
يتبع......