*** مصادر سيرته ؛-
كون النبي محمد شخصية لها تأثير كبير في التاريخ؛ فإن حياته وأعماله وأفكاره قد تم مناقشتها على نطاق واسع من جانب أنصاره وخصومه على مر القرون. كما واهتم المسلمون قديمًا وحديثًا بسيرة محمد باعتبارها المنهج العملي للإسلام، فألف علماء الإسلام مؤلفات عديدة وجامعة في سيرته، ودوّنوا كل مايتعلق بذلك .
*** القرآن ؛-
يُعتبر القرآن مصدرًا أساسيًا لمعرفة سيرة النبي محمد ، كما ويُعد أقدم وأوثق مصادر السيرة النبوية، فهو يرجع إلى عصر محمد نفسه، كما يتفق المسلمين كافة على مدى العصور على نسخة واحدة منه رغم اختلاف المذاهب والفرق الإسلامية . وإن كان القرآن لم يتناول كل سيرة محمد باستفاضة إلا أنه ذكر فيه إشارات كثيرة إلى سيرته إما بتصريح العبارة، أو بطريق الإشارة، أو بطريق التضمين، أو الموازنة، يقول ألفورد ولش إن «القرآن يستجيب باستمرار وبصراحة في كثير من الأحيان إلى الظروف التاريخية المتغيرة لمحمد ويحتوي على ثروة من البيانات المخفية» . فذُكر فيه بعض من شمائله، ودلائل نبوته، وأخلاقه، وخصائصه، وعن حالته النفسية والشعورية. وذُكر فيه أيضًا شيئًا عن غزواته فقد ورد في القرآن ما يقارب 280 آية في الغزوات، وهي تساوي نسبة 4,65% من القرآن جاء بعضها صريحًا كالغزوات الكبرى، بدر، وأحد، والخندق، والحديبية، وخيبر، وفتح مكة، كما شمل هذا التصريح بعض قضايا الجهاد، ومواجهة خصوم وأعداء الإسلام . فمثلاً اشتملت سورة الأحزاب تفاصيل من سيرة محمد مع أزواجهوأصحابه كما تضمنت تفاصيل كثيرة عن غزوة الأحزاب.
***كتب الحديث ؛-
قد شغلت السيرة النبوية حيزًا كبيرًا من كتب الحديث، وكلّ من ألّف في الحديث لم تخل كتبهم من ذكر ما يتعلق بحياة محمد، وبعثته، ودعوته، وجهاده وهجرته، ومغازيه، بل حتى عن صحابته ، كما أن كثيرًا من كتب الحديث كانت تخصص لذلك أقسامًا، وأبوابًا وكتبًا خاصة بذلك ، غير أنها غير مرتبة حسب التتابع الزمني للأحداث . غير أن هذه الكتب اعتنت بجمع أقوال محمد وأفعاله وتقريراته وأحكامه وقضاياه، وأفردت في الوقت نفسه أبوابًا لمولده وبعثته وهجرته ومغازيه، إلا أن مقصد مؤلفي هذه الكتب كان منصَبًّا على قضية الأحكام الفقهية، وكانت مشاهد السيرة تأتي في ثناياها ليستدل بها على الحكم الشرعي، لذا جاءت بدون تفصيل بل كانت تقتصر على بعض تلك الأخبار وفق منهج أهل الحديث في الرواية .
لقد اتفق علماء المسلمين على أن أشهر وأقدم كتب الحديث التي زخرت بأخبار السيرة النبوية، وحياة صاحبها هو موطأ الإمام مالك، حيث أورد جملة من الأحاديث تتعلق بسيرة محمد وأوصافه وذكر ما يتعلق بالجهاد . وكذلك فعل البخاري في صحيحه، حيث ذكر جوانب من حياة محمد قبل البعثة وبعدها، وخصص كتابًا في المغازي وآخر في الجهاد، كما ذكر كثيرًا من خصائصه، ودلائل معجزاته، بما يوازي عُشْر صحيحه . وهكذا فعل مسلم بن الحجاج في صحيحه، حيث اشتمل على جزء كبير من سيرته وفضائله، وجهاده، وأفرد كتابًا سماه "كتاب الجهاد والسير". وكان كل من جاء بعدهم اتبع نفس النهج مع اختلاف في التبويب والترتيب، كأصحاب السنن أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي، وأحمد بن حنبل، وهكذا بقية كتب الحديث.
ختم ختم النبي بطون قريش الاباضية